رفض رد الاعتبار امام المحاكم العسكريه

أسباب رفض رد الاعتبار العسكري أمام المحاكم العسكرية المصرية

رد الاعتبار العسكري هو إجراء قانوني يهدف إلى محو آثار الحكم الجنائي الصادر ضد عسكري أو مدني خاضع لاختصاص القضاء العسكري، بحيث يستعيد الشخص اعتباره الاجتماعي والقانوني بعد تنفيذ العقوبة أو سقوطها بمرور الزمن.
ويخضع رد الاعتبار العسكري للأحكام الخاصة بالقانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية، مع الاسترشاد أحيانًا بقواعد قانون الإجراءات الجنائية المدني فيما لم يرد به نص خاص

أولًا: الشروط العامة لقبول طلب رد الاعتبار العسكري

قبل الدخول إلى أسباب الرفض، يجب الإلمام بالشروط الأساسية لقبول الطلب، وهي:

ألا تكون الجريمة مرتبطة بجرائم عسكرية جسيمة تمس أمن القوات المسلحة أو كرامتها.

انقضاء مدة زمنية معينة بعد تنفيذ العقوبة أو سقوطها (مثلاً: ثلاث سنوات لجنايات، وسنة لجنح، بحسب نوع الجريمة والعقوبة).

أن يكون المحكوم عليه قد حسن سيره وسلوكه خلال هذه الفترة.

سداد جميع الغرامات والرسوم والمصاريف القضائية والتعويضات المحكوم بها.

ألا يكون صدر ضده حكم آخر بعقوبة جنائية أو جريمة مخلة بالشرف خلال فترة الانتظار

ثانيًا: الأسباب التفصيلية لرفض طلب رد الاعتبار العسكري

ترفض المحكمة العسكرية طلب رد الاعتبار في الحالات التالية:

1. عدم انقضاء المدة القانونية اللازمة

إذا لم تمر المدة المطلوبة بعد تنفيذ العقوبة أو بعد سقوطها بالتقادم.

2. عدم حسن السير والسلوك

إذا ثبت للمحكمة العسكرية من خلال التحريات الأمنية أو الشهادات الرسمية أن طالب رد الاعتبار:

  • تورط في وقائع جنائية أخرى.
  • أو كان سلوكه الاجتماعي والوظيفي غير منضبط أو غير لائق خلال فترة الانتظار.

3. وجود سوابق أخرى لم يتم رد اعتبارها

إذا كان المحكوم عليه قد أدين في قضايا أخرى ولم يقم برد اعتباره عنها أولًا، فلا يقبل طلب رد الاعتبار الجديد.

4. عدم سداد الالتزامات المالية

  • عدم سداد الغرامة المحكوم بها.
  • أو عدم سداد التعويضات للمدعي المدني أو الدولة.

إلا إذا ثبت عجزه عن السداد لعذر مقبول (مثل إفلاس حقيقي مثبت).

5. الجريمة تمس الشرف أو الكرامة العسكرية

  • إذا كانت الجريمة تتعلق بالخيانة العسكرية أو الإضرار بالأمن القومي أو الجرائم ضد الآداب العسكرية.
  • مثل الهروب من الخدمة العسكرية، أو العصيان، أو إفشاء أسرار عسكرية خطيرة.

فالقضاء العسكري يتحفظ كثيرًا في منح رد الاعتبار لمثل هذه الجرائم.

6. اعتراض النيابة العسكرية

إذا اعترضت النيابة العسكرية على الطلب لأسباب جدية مدعومة بتحريات رسمية أو مستندات تؤكد عدم استحقاق رد الاعتبار.

7. مخالفات إجرائية في الطلب

مثل:

  • عدم استيفاء المستندات المطلوبة (شهادة تنفيذ العقوبة، صحيفة الحالة الجنائية، إثبات حسن السيرة).
  • أو تقديم الطلب أمام جهة غير مختصة.

8. الحكم غيابي ولم يتم إعادة الإجراءات

إذا صدر الحكم غيابيًا ولم يقم المحكوم عليه بإعادة الإجراءات (إعادة محاكمته حضورياً)، فلا يجوز قبول طلب رد الاعتبار

ثانيًا: الإخلال بحسن السير والسلوك

شهدت قضية أخرى رفض طلب مجند أدين سابقًا بجريمة هروب من الخدمة العسكرية، إذ أظهرت التحريات الأمنية تورطه لاحقًا في مشاجرة مدنية، رغم عدم صدور حكم جديد ضده.
واستندت المحكمة إلى أن حسن السلوك يجب أن يثبت إيجابًا، وليس فقط بغياب الأحكام الجنائية

ثالثًا: عدم سداد الالتزامات المالية

رفضت المحكمة العسكرية طلب رد اعتبار لعسكري حُكم عليه في جريمة سرقة معدات عسكرية، بسبب امتناعه عن سداد الغرامة والتعويضات المالية الصادرة بحقه.
وأكدت المحكمة أن التنفيذ الكامل للحكم يشمل العقوبات المالية وليس فقط العقوبات المقيدة للحرية

رابعًا: ارتباط الجريمة بمساس الشرف العسكري

رفضت المحكمة العسكرية طلب ضابط سابق أُدين بجريمة قبول رشوة، رغم تنفيذ العقوبة وسداد الالتزامات.
واعتبرت المحكمة أن بعض الجرائم، كالرشوة والخيانة العسكرية، تُحدث مساسًا جوهريًا بقيم الشرف والانضباط العسكري، لا تجبره مجرد تقادم الزمن أو حسن السلوك اللاحق.

خامسًا: اعتراض النيابة العسكرية وتحريات الأمن

في واقعة أخرى، تقدّم مجند سابق بطلب رد اعتبار بعد تنفيذ حكم بالسجن في جريمة تخريب معدات.
غير أن النيابة العسكرية اعترضت مدعمة اعتراضها بتحريات تفيد بانخراطه لاحقًا في نشاطات تثير الشبهة، فرُفض الطلب رغم خلو صحيفة الحالة الجنائية من أحكام جديدة.

سادسًا: وجود سوابق أخرى لم يتم رد الاعتبار عنها

أحد المجندين الذين تقدموا بطلب رد اعتبار كان قد أُدين بجريمة عسكرية، ثم تبين أن له حكمًا جنائيًا آخر صادر من محكمة مدنية لم يُرد اعتباره بشأنه.
وقضت المحكمة العسكرية برفض طلبه تأسيسًا على وجوب تصفية جميع السوابق أولاً

أولاً: ما هي السجلات العسكرية؟

السجلات العسكرية هي قاعدة البيانات الرسمية التي تحتفظ بها وزارة الدفاع المصرية لتوثيق كل ما يتعلق بخدمة الأفراد العسكريين (ضباط – صف ضباط – مجندين – أفراد احتياط).
تشمل هذه السجلات:

  • بيانات التجنيد والتسريح
  • القضايا والأحكام العسكرية
  • حالات الفرار والهروب من الخدمة
  • الجزاءات والانضباط
  • شهادات الإعفاءات النهائية أو المؤقتة
  • طلبات رد الاعتبار العسكري
  • محاضر المحاكمات والانضباط العسكري

هذه السجلات تُعتبر مرجعية أساسية أمام أي جهة رسمية تحتاج إلى التحقق من موقف الشخص العسكري

ثالثاً: علاقة السجلات العسكرية برد الاعتبار العسكري

أي طلب لرد الاعتبار العسكري لا يُنظر فيه أمام المحكمة العسكرية إلا بعد الاستعلام رسميًا من إدارة السجلات العسكرية (معسكر مبارك)، ويتم التحقق من:

  • تنفيذ العقوبة كاملة.
  • الموقف من دفع الغرامات أو التعويضات.
  • الموقف من الالتزام بالسلوك العسكري.
  • وجود سوابق أخرى.
  • انتهاء المدد الزمنية اللازمة لرد الاعتبار.

فإذا كانت بيانات الشخص لدى السجلات تشير إلى أي مخالفة لهذه الشروط، فإن المحكمة ترفض طلبه بناءً على تقرير السجلات

رابعاً: معسكر مبارك وتسوية أوضاع الهاربين

الهاربون من التجنيد أو الفارون من الخدمة، إذا تجاوزوا سن 30 سنة أو 36 سنة دون تسوية أوضاعهم، يتوجهون لمعسكر مبارك بعدة خطوات:

  • تقديم طلب تسوية موقف.
  • دفع غرامة مالية (وفقًا للقوانين العسكرية المعدلة).
  • إصدار شهادة عسكرية تفيد انتهاء الموقف بالتقادم أو الإعفاء الأمني.

ملاحظة مهمة: حتى بعد تسوية موقف الهارب، يبقى اسمه مدونًا في السجلات العسكرية بأنه سبق اتهامه بالهروب ، مما قد يؤثر على قبوله في بعض الوظائف الحكومية أو عند تقديم طلب رد الاعتبار لاحقًا

خامساً: حالات عملية واقعية

جندي هرب من الخدمة العسكرية سنة 2005، ولم يتم القبض عليه.
بلغ سن 36 سنة سنة 2023.
تقدم إلى معسكر مبارك، دفع الغرامة، وحصل على شهادة (انتهاء الموقف بالتقادم).

عند تقدمه بطلب للحصول على وظيفة حكومية تطلب شهادة حسن السير والسلوك العسكري، رفض طلبه بسبب وجود قيد “هروب عسكري” في سجلات معسكر مبارك، رغم أنه أنهى موقفه قانونيًا

سادساً: مستندات أساسية داخل السجلات العسكرية

في معسكر مبارك، يوجد ملفات لكل فرد بها:

موقفه من رد الاعتبار (إن سبق وطلبه).
صحيفة الأحكام العسكرية.

صحيفة الجزاءات.

بيان الموقف من التجنيد.

شهادة إنهاء الخدمة أو الإعفاء.

تحقيقات الهروب أو التغيب إن وجدت

مذكرات الأحكام الصادرة ضده

أمثلة عملية واقعية لرفض رد الاعتبار العسكري

جندي احتياطي حُكم عليه بالسجن سنة بتهمة “إفشاء معلومات عسكرية عن طريق الخطأ”. أنهى عقوبته وتقدم بطلب رد اعتبار بعد مرور 9 أشهر فقط.

المحكمة العسكرية رفضت طلبه مباشرة، لأن المدة القانونية المطلوبة (سنة كاملة على الأقل) لم تكن قد انقضت.

الدرس: لا يُقبل طلب رد الاعتبار إلا بعد استكمال المدة الزمنية المحددة قانونًا دون استثناءات.

2. مثال عن سوء السلوك بعد تنفيذ العقوبة

مجند سابق كان قد أُدين في جريمة “هروب من الخدمة”، نفذ حكم الحبس وتقدم بطلب رد اعتبار.
أثناء الفحص، تبين وجود محضر مشاجرة مدني ضده خلال فترة الانتظار، لم يصل إلى حد صدور حكم جنائى ,

المحكمة العسكرية اعتمدت على التحريات التي أوضحت أنه غير ملتزم اجتماعيًا، وقررت رفض رد الاعتبار

3. مثال عن عدم سداد الغرامات والتعويضات

عسكري سابق أدين بسرقة معدات من مخازن الجيش، وقضى مدة الحبس المفروضة عليه.
رغم ذلك، لم يسدد قيمة الغرامة المالية ولا التعويضات المحكوم بها لصالح إدارة المهمات العسكرية.

عندما طلب رد الاعتبار، رُفض طلبه بسبب عدم الوفاء بالالتزامات المالية ,

الدرس: السداد الكامل للغرامات والتعويضات شرط أساسي لقبول رد الاعتبار.

4. مثال عن الجرائم الماسة بالشرف العسكري

ضابط صف صدر ضده حكم نهائي بالإدانة في جريمة “قبول رشوة” مقابل تمرير معاملة عسكرية.
رغم تنفيذ العقوبة وسداد الغرامة، رفضت المحكمة العسكرية منحه رد الاعتبار لأن الرشوة جريمة تمس شرف الوظيفة العسكرية ولا تُغتفر بتقادم الزمن أو بحسن السلوك اللاحق.

الدرس: هناك جرائم بطبيعتها تمنع الرد الاعتباري مهما تحققت الشروط الشكلية.

5. مثال عن اعتراض النيابة العسكرية بسبب تحريات الأمن

مجند أُدين بتخريب مركبة عسكرية.
بعد تنفيذ العقوبة، تقدم بطلب رد اعتبار. ولكن تحريات المخابرات الحربية كشفت لاحقًا أنه يتعامل مع عناصر مشبوهة خارج القوات المسلحة، ولو لم يصدر بحقه حكم جديد.

النيابة العسكرية اعترضت رسمياً، والمحكمة رفضت طلبه.

الدرس: التحريات الأمنية تلعب دورًا حاسمًا؛ وليست الأحكام الجنائية وحدها ما يُؤخذ في الاعتبار.

6. مثال عن وجود أحكام أخرى لم يتم محوها

أحد الجنود المحكوم عليهم عسكريًا تقدم بطلب رد اعتبار عن حكم “ترك خدمة”، ولكن تبين أنه أيضًا مدان في محكمة مدنية بتهمة “سرقة” ولم يرد اعتباره عنها.

المحكمة رفضت طلبه وقالت إن من شروط قبول الطلب أن يكون خاليًا من أي أحكام أخرى لم يتم تسويتها قانونيًا.

الدرس: لا يمكن منح رد الاعتبار إلا إذا كان سجل الشخص نظيفًا بالكامل.











اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *