“احتلال إيران للجزر النفطية السعودية الكويتية: هل تلعب مصر دور الوسيط الخفي؟”

سياسه

في خطوة تصعيدية جديدة تهدد استقرار الخليج ، أعلنت إيران فرض سيطرتها على الجزر النفطية المشتركة بين السعودية والكويت، والمعروفة باحتوائها على احتياطات ضخمة من الغاز والنفط , هذا التحرك الإيراني المفاجئ أعاد رسم خريطة التحالفات الإقليمية، وطرح سؤالاً جوهريًا: هل تلعب مصر دورًا غير معلن في إدارة الأزمة؟ وهل تستغل السعودية والكويت التقارب الإيراني المصري لدفع القاهرة نحو لعب دور الوسيط ؟ هذا المقال يناقش أبعاد الأزمة، ودور مصر المعلن والخفي في معالجتها

أولًا: خلفية الأزمة

تعود الجزر المتنازع عليها إلى اتفاق مشترك بين السعودية والكويت يُعرف باسم “المنطقة المقسومة”، وتُستخدم حاليًا لتطوير حقل الدرة الغازي , إيران تزعم أن جزءًا من الحقل يقع داخل مياهها الاقتصادية ، لكنها لم تكن قد سيطرت فعليًا عليه حتى الآن

لكن في تطور مفاجئ ، قامت إيران بإرسال قوات بحرية وأمنية إلى بعض المواقع القريبة من الحقل ، وأعلنت “مراقبة سيادية” عليه، ما اعتُبر خطوة احتلال غير مباشر. رد الفعل السعودي الكويتي جاء سريعًا عبر بيانات شجب وتنديد ، لكن دون تحرك عسكري مباشر حتى الآن

ثانيًا: أين تقف مصر من هذا الصراع؟

رغم أن القاهرة لم تُصدر بيانًا رسميًا واضحًا حتى لحظة كتابة هذا المقال، فإن مواقفها التاريخية تشير إلى عدة ثوابت: 1- دعم الأمن الخليجي كجزء من الأمن القومي المصري , 2- رفض سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة العسكرية , 3- الدعوة دائمًا للحلول السياسية والدبلوماسية , ومع ذلك ، تظل الديناميكيات غير المعلنة للعلاقات المصرية الإيرانية والخليجية حاسمة في تفسير التحركات المصرية

ثالثًا: خطوات مصر المعلنة تجاه إيران في الأشهر الأخيرة

لقاءات دبلوماسية: عقدت لقاءات متكررة بين مسؤولين مصريين وإيرانيين على هامش مؤتمرات إقليمية، من بينها لقاء وزير الخارجية المصري بنظيره الإيراني في بغداد.

فتح قنوات دبلوماسية: بدأت القاهرة في تخفيف القيود على التعاون الثقافي والديني مع إيران، وجرى حديث عن إمكانية تبادل السفراء في المستقبل القريب.

خطاب إعلامي هادئ: لوحظ غياب التصعيد المصري في الخطاب الرسمي تجاه إيران، وهو أمر جديد نسبيًا مقارنة بالسنوات الماضية.

رابعًا: التحركات غير المعلنة المحتملة لمصر في الأزمة الحاليه تلجأ بها السعودية للخروج من الازمه باعتبار كون مصر وسيط اقليمى للمملكه , تمثله مصر امنيا بحكم مكانتها الاستراتيجيه

رغم أن السعودية تملك ثقلًا إقليميًا وعلاقات قوية مع قوى كبرى مثل أمريكا، فإن لجوءها إلى مصر في مثل هذه الأزمات له دوافع متعددة:

  1. الثقل العربي: مصر دولة عربية سنية مؤثرة، وأي وساطة منها تحظى بمصداقية إقليمية.
  2. التقارب المصري الإيراني: تملك القاهرة اليوم قدرة فريدة على الحديث مع الطرفين، وهو ما تفتقده دول خليجية أخرى.
  3. تاريخ الوساطة: لعبت مصر دورًا مهمًا في عدة أزمات شرق أوسطية مثل المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، وأزمات السودان وليبيا.

إيران تستغل التقارب مع مصر: أبعاد أمنية واقتصادية وجغرافية في ظل أزمة الجزر السعودية الكويتية

مع تفجر أزمة احتلال إيران للجزر النفطية السعودية – الكويتية، ووسط صمت دولي حذر، ظهرت تحركات دبلوماسية لافتة، أبرزها زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الكويت, هذه الزيارة، التي بدت في ظاهرها تنسيقًا ثنائيًا، قد تكون في جوهرها محورًا مركزيًا لإعادة ترتيب أوراق التوازن الإقليمي، خصوصًا مع الحديث المتزايد عن تقارب مصري – إيراني متدرج. إيران، من جهتها، تدرك أن القاهرة أصبحت بوابة إقليمية يصعب تجاوزها، وتسعى لاستغلال هذا التقارب من عدة زوايا: أمنية، اقتصادية، وجغرافية.

أولًا: البعد الأمني – كيف تستغل إيران العلاقة مع مصر

أولًا: البعد الأمني – كيف تستغل إيران العلاقة مع مصر؟

إيران تدرك جيدًا أن مصر:

  • تملك اول وأكبر جيش عربي.
  • تحافظ على نفوذ سياسي قوي داخل الجامعة العربية.
  • تمثل دولة عسكرية غير خليجية، لكن محسوبة على المعسكر العربي الخليجى.

وبالتالي، فإن أي تهدئة محتملة مع مصر تُعد مكسبًا استراتيجيًا لإيران، خصوصًا بعد أن خسرت في السنوات الماضية كثيرًا من نفوذها العربي بسبب تدخلاتها في سوريا واليمن ولبنان وغزة.

تسعى طهران إلى:

فتح قنوات أمنية لتبادل المعلومات أو تقليل الشكوك بشأن النوايا الإيرانية في المنطقة.
منع اصطفاف مصر مع الخليج عسكريًا في حال تصاعدت الأزمة ,تحييد القوة البحرية المصرية ، أو على الأقل ضمان موقف مصري غير عدائي في مضيق هرمز والبحر الأحمر

ثانيًا: البعد الاقتصادي – طهران ترى في مصر بوابة استثمار وشرعية

في ظل الحصار الاقتصادي والعقوبات الغربية، تدرك إيران أن:

  • مصر تملك سوقًا استهلاكيًا ضخمًا.
  • القاهرة محور تجاري رئيسي يربط الخليج بالبحر المتوسط.
  • استثمارات إيرانية غير مباشرة يمكن أن تمر عبر أطراف ثالثة (مثل العراق، أو حتى تركيا) وتُدار من داخل مصر.

كما تتطلع إيران إلى:

  • الاستفادة من قناة السويس كممر لنقل بضائعها في ظل التضييق الغربي على موانئها.
  • التنسيق مع مصر اقتصاديًا عبر العراق كمنفذ للغاز أو النفط المهرب.

ثالثًا: البعد الجغرافي – مصر بوابة البحر الأحمر ومراقب الجزر

في حال نشب نزاع عسكري حول الجزر المحتلة، تبرز القوة البحرية المصرية باعتبارها عاملًا حاسمًا في التأمين والمراقبة، حيث تمتلك مصر:

  • أقوى أسطول بحري عربي وأفريقي، والسادس عالميًا من حيث عدد القطع.
  • قواعد بحرية في رأس بناس، سفاجا، برنيس، والبحر المتوسط.
  • قدرات على مراقبة السواحل عبر طائرات استطلاع وغواصات.

وبالتالي، فإن السعودية والكويت قد تطلبان دعمًا بحريًا مصريًا، سواء عبر نشر رمزي في البحر الأحمر، أو عبر تبادل معلومات لوجستية بشأن تحركات بحرية إيرانية.

رابعًا: الكويت ومصر – تقارب استراتيجي في لحظة حرجة

زيارة السيسي الأخيرة إلى الكويت لا يمكن فصلها عن سياق أزمة الجزر. منذ شهور، ظهرت إشارات قوية على تعميق العلاقات الكويتية – المصرية، منها:

  • اتفاقيات استثمارية.
  • تعاون أمني واستخباراتي غير معلن.
  • تصريحات كويتية عن “أهمية الدور المصري في أمن الخليج”.

لكن زيارة الرئيس السيسي، في هذا التوقيت تحديدًا، جاءت بعد:

  • التحرك الإيراني الأخير على الجزر.
  • مباحثات خليجية خلف الأبواب المغلقة حول خيارات الرد.
  • تردد أمريكي في دعم مواجهة مباشرة.

ويبدو أن الكويت ترى في مصر حائط صد دبلوماسي قوي يمكن أن يُستخدم في:

إبراز خطر التصعيد على الملاحة الدولية، وهو ما يمكن لمصر التعبير عنه عالميًا , دفع إيران للتراجع عبر قناة القاهرة.

تعزيز موقف الكويت إقليميًا عبر دعم عربي موحد , إبراز خطر التصعيد على الملاحة الدولية، وهو ما يمكن لمصر التعبير عنه عالميًا.

خامسًا: هل زيارة السيسي إلى الكويت مقدمة لزيارة إيرانية أو عراقية؟

التحركات الإقليمية الحالية تشير إلى هندسة جديدة في العلاقات الشرق أوسطية، ومن المرجح أن:

بعد عودة السيسي من الكويت، قد تبدأ سلسلة زيارات ولقاءات لمبعوثين إيرانيين إلى دول عربية، تبدأ من القاهرة، في محاولة لاستباق أي اصطفاف عربي ضدها.

تأتي زيارة إيرانية رسمية أو غير رسمية للقاهرة خلال الأسابيع المقبلة , ربما عبر وفد اقتصادي أو ديني أو حتى استخباراتي تمهيدي , قد تسبقها زيارة مصرية إلى العراق تحمل رسائل غير مباشرة إلى إيران , زيارة محتملة للسيسي إلى بغداد أو حتى طهران، وإن كانت غير مباشرة أو تحت غطاء مؤتمر إقليمي , بعد عودة السيسي من الكويت، قد تبدأ سلسلة زيارات ولقاءات لمبعوثين إيرانيين إلى دول عربية، تبدأ من القاهرة، في محاولة لاستباق أي اصطفاف عربي ضدها.

هل تلعب مصر دور “الحصان الرمادي”؟

في الأزمة المتصاعدة حول الجزر، لم تُظهر مصر موقفًا صريحًا حتى الآن، لكنها تبدو وكأنها اللاعب الذي يملكه الجميع ولا يمكن الاستغناء عنه. إيران تحتاجها كقناة تهدئة، والسعودية والكويت تحتاجانها كدرع سياسي وربما أمني، والمجتمع الدولي ينظر إليها باعتبارها القادرة على تفكيك الأزمات دون إشعال الحرب.

ووسط هذا المشهد، يبدو أن زيارة السيسي للكويت لم تكن مجرد تعاون ثنائي، بل ربما كانت بداية لصفقة سياسية أوسع، عنوانها “الهدوء مقابل الوساطة”، والوسيط هو مصر

أضف تعليق